منذ
ان كتب لنا الباري عز وجل العيش على هذه الفانية ،، ونحن نمر بكثير من
الظروف القاسية التي لا ترحم براءة الطفولة ولا ترأف بضعف النساء ولا
توقر كهولة الشيب ولا توفر الشباب وريعان صباهم الذين يحلمون بالتمتع
بحياتهم ولو بالشيء اليسير منها .... لكم جرعتنا هذه الدنيا الكثير من
كؤوسها المرة .... وكم أفشلت مساعينا وأحبطت خططنا وسحقت بقسوة طلباتها
أحلامنا واختطفت عنوة البسمة من شفاهنا .... وأشهرت السيوف في وجوهنا
لتلبية احتياجاتها .... لا بل انها توظف دناءة نفس الإنسان ضد اخيه الإنسان
ليتربص فيه ويسهر على إيذائه وشرب عرق جبينه ودمه دون حسيب من ضمير ولا
رقيب من دين او خلق .
وكأن هناك تحالف شيطاني بين دار الفناء واولائك البشر الأشرار المشبعة نفوسهم بالخبث والطمع والأنانية والجشع .
انها الدنيا .... ذلك المشوار الزمني المكتوب بأجل مسمى يمضى بنا قدما
مرغمين لا مخيرين سيرا عبر صفحاته الملطخة بكل الألوان ذلك الدرب التي تطوي
أيامه شهوره وتطوي شهوره سنينه دون ان نحس او نشعر به .... لا بل اننا
نحتفي كل سنة بضياع سنة من أعمارنا.... لها نوقد الشموع ومن اجلها ننثر
الحلوى ..... وكأننا لا نعلم ما تخبية لنا من مآس وما تضمره لنا من كوارث
واحزان وما تختزنه لنا من دموع وإلام حتى وان لم تشعرنا هى بذلك ....
ياللخيبة والغباء .... لقد تقاسمنا مع هذه الدنيا همومها ومآسيها وقلدتنا
حقائب مسئولية شئونها .... كل شئونها في كل رحلة من مراحل أعمارنا وعمرها
فتفني في سبيلها أعمارنا ويبقي عمرها لاستهلاك أعمار من يأتي بعدنا كما
التهمت أعمار كل من اتينا بعدهم .... انها الدنيا التي عطاها من قبلنا كل
شيء دون ان يأخذون أي شيء .... وها نحن نبذل كل شيء من اجل ان نظفر منها
بشيء دون ان يحصل لنا ذلك الا حصد مزيدا من الامراض والهموم ونحن نضحك لها
وراضون عنها وكأنها لم تفعل بنا شيء يذكر .
ان الحياة الحقيقة امامنا وفى متناول أيادينا ولكننا نأبى ..... انها حياة
البساطة والقناعة ..... ولا شيء غير القناعة ..... فهل نحن قانعون .
من مننا لا يعرف القناعة نحن ام الدنيا